Arabe

Question

ارجوكم ساعدوني في هذا السؤال انه مهم
ما هو الفرق بين الثقافة الشفهيةوالثقافة المكتوبة

2 Répondre

  • كثيراً ما يجري الخلط، في الحديث، بين الثقافة والمعرفة، فيحمل معنى الواحدة منهما على الأخرى وكأن بينهما اشتراكاً في الدلالة، والحق أنه إذ يمكن التماس أشكال من التقاطع بينهما في الدلالة. فإنه يمكن ـ في الوقت ذاته ـ بيان الفرق بين مجاليهما على نحو لا يصح معه سوى احترام الاستقلالية النسبية لصعيد ـ أو مستوى ـ كل منهما. وهكذا إذا كان في الوسع النظر إلى المعرفة كلحظة من لحظات الثقافة، هي لحظة إنتاج التصورات النظرية حول موضوعات العالم الخارجي ( = الطبيعي الاجتماعي)، ففي الوسع ملاحظة الجغرافيا الأوسع التي تغطيها الثقافة في ميدان التعبير، والتي تفيض عن حدود التعبير المعرفي بوصفه تعبيراً نظرياً مجرداً، أو تعبيراً تجريبياً مختبرياً عن العالم.
    الثقافة تعبير ذاتي ـ فردي أو جماعي ـ عن العالم، أي تعبير عن نمط تمثل وإدراك ذلك العالم من قبل الفرد والجماعة (قبيلة، طبقة، شعب .. إلخ). وبهذا المعنى، تعيد الثقافة ـ في ذلك التعبير ـ بناء العالم على نحو مختلف عن الهيئة (الطبيعة) التي يوجد عليها خارج أي إدراك له. لكن الثقافة، إذ تعيد ذلك البناء من خلال عملية التعبير، أو الإنتاج الرمزي، تفعل ذلك على أنحاء مختلفة: على نحو مكتوب، وعلى نحو منطوق، ثم على نحو حركي. ليست الثقافة المكتوبة ـ بما فيها المعرفة النظرية والتجريبية ـ إلا لحظة بسيطة من لحظات التعبير الثقافي، تمكن تسميتها بلحظة التعبير عن الفاعلية المنطقية، أو العقلية، أو الاختبارية، للتمثل الإنساني للعالم. وهي إذ تظهر في صورة مكتوبة، تتخذ لغة معرفية ومفهومية خاصة بها، يستقل بها المجال المعرفي عن سواه من مجالات الثقافة المكتوبة كالأدب ـ مثلاً ـ بأجناسه التعبيرية المختلفة.
    لكن الثقافة ـ أيضاً ـ هي التعبير الشفهي (غير المكتوب)، ممثلاً في أجناس مختلفة من الفنون، ومن التعبير الحركي الذي يتخذ الجسد مادة له في المقام الأول. ففي الغناء، وفي النحت، والفن التشكيلي، وفي العمارة والنقش على الخشب، أو المعادن والجبص والرخام .. الخ، وفي الوشم (لله النقش لله على الجسد)، وفي التطريز والحياكة وسوى ذلك، نصوص من التعبير الثقافي لا تقل قيمة عن النصوص المكتوبة في مضمار التعبير عن نوازع الذات، وعن نوع تفاعلها مع العالم المحيط؛ بل نحن نستطيع أن نرصد التجليات المختلفة لهذا التعبير الثقافي حتى في المأكل، والملبس، وطقوس العبادة، ومراسيم الاحتفالات والأعياد والمآتم وغيرها. إنها جميعها أشكال مختلفة من الإفصاح عن الذات وعن الوجدان الفردي والجمعي، وعلى صفحتها تمكن قراءة المجتمع الذي تعبر عنه.
    نحن ـ إذاً ـ أمام نوعين من التعبير الثقافي: تعبير ثقافي يترجم الوجدان بلغة متنوعة تتراوح بين المستوى الفطري والمستوى المصوغ صياغة جمالية تركيبية على مسافة شاسعة، (هي المسافة التي قد تقوم بين المواويل والأهازيج وبين النظم الأركسترالية السيمفونية في الموسيقى، أو بين تحريك الجسد على إيقاع ما بطريقة عفوية وبين البالية، أو بين الوشم وبين الفن التشكيلي وفن العمارة .. إلخ)، وتعبير ثقافي يترجم الفكر والصياغة المكتوبة للرموز، ويتراوح بين الأدب وبين المعرفة النظرية المفهومية ذات الصياغة العقلانية أو العلمية الصارمة (الفلسفة، العلوم .. ). وإن شئنا استعارة العبارات الأنثروبولوجية المتداولة، نقول إننا أمام نمطين من الثقافة هما: الثقافة العالمة Culture Savante والثقافة الوحشية أو المتوحشة Culture Sauvage، وهو تقاطب يمكن التعبير عنه ـ أيضاً ـ من خلال الزوج: الثقافة العليا والثقافة الشعبية.
    واضح من هذا التقسيم أنه لا امتياز للثقافة المكتوبة (العالمة) على الثقافة الشعبية ( = الشفوية) في مضمار التعبير عن الذات، فكلاهما يشكل طريقة من طرائق هذا التعبير اللهم ما في كل منهما من تفاوت في درجة النظام والتقعيد، حيث تبدو الثقافة المكتوبة أكثر من غيرها تراكماً ونجاحاً. غير أن المشكلة ليست هنا، نعني ليست في وجود فوارق في أنماط التعبير وفي درجات النظام فيه، بل هي في مستوى التمثل لدى كل منهما. ذلك أن هناك قدراً من التفاوت في وعي كل من الثقافة المكتوبة (العالمة) والثقافة الشفوية (الشعبية). ويظهر ذلك ـ بوضوح أكبر ـ على صعيد كتابة تاريخ كل منهما. إذ يبدو، حتى الآن أن التاريخ الوحيد الذي كتب بعناية ـ في جميع المجتمعات تقريباً ـ هو تاريخ الثقافة المكتوبة، فيما لم يحظ تاريخ الثقافة الشعبية بكبير اهتمام يليق بمكانته في بناء الاجتماع الثقافي. وقد يعود ذلك إلى قداسة المكتوب لدى مجتمعات كالمتجمع العربي ـ الإسلامي. لكن الذي يدفع ثمن هذا الفراغ، في جميع الأحوال، هو ذاكرة المجتمع وتراكمه الثقافي، و ـ استطراداً ـ معرفتنا عنه: فحين لا يكون في وسعنا أن نكتب تاريخ قسم من التعبير الثقافي لمجتمع ولشعب ما، فنحن بذلك نفقد قدرتنا على ـ وحقنا في ـ بناء وعي صحيح متكامل بتراكمه الرمزي، الأمر الذي ينجم عنه ضعف في مستوى تمثلاتنا له. وهو ما ستتبين فداحته متى أدركنا أن القسم الأعظم من التعبير في جميع المجتمعات والثقافات في العالم ـ ومنها مجتمعنا العربي ـ إنما هو الذي يشغله التعبير الثقافي الشفوي الشعبي.

  • باختصار الثقافة الشفهية هي شيء نفعله بالكلام اما المكتوبة فهي المدكورة في وثائق